الظروف التي تشكلت فيها الأحلاف والتكتلات الدولية المعاصرة:
إن المفهوم الشائع للتكتلات والأحلاف الدولية المعاصرة هو المفهوم الأوربي، حيث كانت الدول الأوربية تتحالف وتتكتل في مواجهة ضغط المدّ الإسلامي، ثم في مهاجمة المسلمين، والوقوف في وجه الدولة العثمانية بصورة خاصّة عندما طرقت أبواب أوربا وتوّغلت فيها، ثم تحوّلت وجهة الأحلاف والتكتلات إلى التنافس لاقتسام العالم الإسلامي، بعد أن بان ضعف المسلمين وعجزهم، وقد قادت الأحلاف والتكتلات الأوربية إلى التنافس الاستعماري وإلى السباق في التسلح، ثم إلى حروب مريرة مدمرة، وهكذا واصلت أوربا التفكير في مفهوم الأحلاف والتكتلات إلى أن وصلت إلى المفهوم المعاصر، وشاع عالمياً في ظل سيطرة وجهة النظر الأوربية على العالم، وإلاّ فالأحلاف والتكتلات قديمة، قدم التاريخ نفسه، ونجد من الضروري إيضاح هذا المفهوم المعاصر:
إن كلاًّ من التكتل والحلف هو تجمع، يضمّ دولتين أو أكثر ويفترض مصلحة متماثلة وخطاً استراتيجيا معينا. وقد يكون التكتل بداية للتحالف، لكن الفرق بينهما أن الحلف عادة هو تجمع ذو أغراض عسكرية سياسية بالدرجة الأولى، وأما التكتل كقاعدة يستهدف التعاون في الشئون السياسية أو الاقتصادية بالدرجة الأولى.
فكل حلف هو تكتل، وكل تكتّل هو تجمُّع، ولكن العكس ليس صحيحاً. والتحالف لابدّ أن يستند إلى معاهدة دولية بالمعنى الدقيق للتعبير، ولابدّ أن يكون له هيئات تسهر على حسن تنفيذ بنود هذه المعاهدة، بعكس التكتل الذي لا يشرط فيه بالضرورة مثل ذلك [١] .