وجدّد "إيدن"تصريحه عام ١٩٤٣م "بعطف بريطانيا على أماني العرب في الاتحاد على أن تكون المبادرة من العرب أنفسهم". وكانت ظروف التصريح الجديد تختلف عن ظروف سابقه: فدول المحور ابتدأت بالتراجع، والحلفاء يتقلّبون من نصر إلى نصر، والصهيونية تكيد لفلسطين وتكشّر عن أنيابها، والفرنسيون يتشبّثون بسوريا ولبنان والجوّ العربي لا يخلو من سوء التفاهم [٦٩] . فبادر النحاس باشا رئيس الوزراء المصري إلى الاتصال بزعماء العرب عام ١٩٤٤م، وتمت عدة لقاءات ومشاورات أسفرت عن مشروع وحدوي واسع في بروتوكول الإسكندرية (مؤتمر الإسكندرية) الذي جمع في ٧ تشرين الأول عام ١٩٤٤م الدول العربية: مصر، والمملكة العربية السعودية، وسورية، ولبنان، والأردن، واليمن، والعراق.
ولكن المشروع "شبه الاتحادي"الذي أقره بروتوكول الإسكندرية اصطدام بالتحفظات فأسفر عن ميثاق من نوع المنتدى الدبلوماسي بروابط مرنة، ورخوة، وهو ميثاق جامعة الدول العربية [٧٠] . وقعت عليه الدول العربية في ٢٢ من آذار عام ١٩٤٥ م. والواقع أن بعض التحفظات كان لا بدّ منها عند بعض الدول، وكمثال على ذلك:
من بين أهداف الجامعة العربية:"السعي لتوحيد الثقافة وتوحيد التشريع بين الدول العربية". ولما كان أكثر البلاد العربية قد تمسك بالعلمانية فإن المملكَة العربية السعودية بيّنت أن ظروفها، ووجود البلاد المقدسة فيها يجعل لها وضعاً خاصاً، فهي ستمتنع عن تنفيذ أي مبدأ في التعليم، أو التشريع يخالف قواعد الدين يمت الإسلامي وأصوله [٧١] . ولو أخلصت النيات لتبنّت جميع الدول هذه النقطة واتجهوا إلى تحكيم الإسلام الذي هو القاسم المشترك بينهم.
وقد عبّر عبد الخالق حسونة الأمين العام للجامعة لمدة طويلة عن الميثاق بقوله:"يعتبر ميثاق الجامعة هو الحدّ الأدنى لما كان يمكن التوصل إليه آنذاك"[٧٢] .