أما الإمام مسلم فهو أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، ولد سنة أربع ومائتين من الهجرة، ونشأ في بيت علم، ترجم له العلماء منذ ولادته حتى وفاته وذكروا من علمه وفضله ما يجعله جديراً بلقب الإمام مقدماً على غيره من أئمة هذا الشأن، وتلقت الأمة كتابه بالقبول والثناء الحسن، فاحتل صحيحه الرتبة الثانية بعد صحيح البخاري رحمهما الله وكانت وفاته في سنة إحدى وستين ومائتين عن عمر ناهز سبعاً وخمسين سنة كانت حافلة بالفضل والعلم والذكر الحسن وأورث الأمة الإِسلامية أعظم الكنوز التي تعتز بها وتعتمد على قوة نصوصها وصحتها [٢٣] .
هذان هما الصحيحان، وهذان هما المؤلفان أنْعِم وأكْرم بالمؤلِّف والمؤلَّف قال ابن الصلاح رحمه الله: وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز [٢٤] . وقال النووي رحمه الله: اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان، البخاري ومسلم [٢٥] .
وبهذه النبذة الموجزة يعلم القارئ الكريم اندفاع كل شبهة حول هذين الإمامين وكتابيهما، ويتأكد له أن تلك المحاولات الفاشلة إنما هي افتراءات يقصد منها النيل من الإسلام وأهله، جزا الله عنا الإمامين كل خير ورحم الله أئمة الإِسلام وعلماء الأمة المخلصين الصادقين وغفر لنا ولهم أجمعين.