خلاصة المقال في هذا الجانب أن المجتمع كان يعاني من أمور كثيرة من أبرزها ضعف الدولة الشيء الذي نتج عنه مشاكل لا حصر لها مثل انتشار الظلم، والتعسف، والتلاعب بأموال المسلمين، والاستيلاء عليها بغير وجه حق، وظهور الفساد الخلقي حتى راجت تجارة الحشيش وأخذ قانوناً تجارياً، يباع ويشترى على مرآى ومسمع من الدولة [٤٣] . وانتشار الفقر، وتفشي الأمراض، والأوبئة، لانصراف الدولة عن خدمة المجتمع إلا في بعض محاولات إصلاحية.
٣- الحالة العلمية:
رغم ما سبق تصويره من مشكلات سياسية، ومتاعب اجتماعية جمة، فإن المجتمع الإسلامي لم يخل من رجال جردوا أنفسهم لله، وخدموا العلم بأمانة وإخلاص، رغم أنوف الكثيرين من الولاة الذين فرطوا في الأمانة وضيعوا حقوق العباد. في هذا العصر ضحى كثيرون من العلماء بالجاه والمال وزهدوا في السلطان، وسخروا أنفسهم لخدمة الدين والعقيدة ولم يبخلوا بنصح ولا توجيه، ولم يكتموا علماً عن طالبه، وممن سبق الزركشي الإمام ابن تيميه، الإمام المصنف المجاهد، الذي أشعل جذوة الجهاد لدى السلطان وجنده وأبلا بلاء حسناً في تلك المعارك، ومن أولئك شيوخ الزركشي الذين أخذ عنهم ومنهم أفاد علماً، ولا ريب أن ثبات أولئك الأفذاذ من العلماء أنقذ البلاد من ويلات الجهل والضلال، ومما كان يهدد الأمة الإسلامية من الفرق الضالة ذات المبادئ الهدامة، وكانوا درعاً واقياً لجسد الأمة من زحف الزندقة والإلحاد، والوثنية كل هذه الصعوبات صمد أمامها أفذاذ العلماء، وحطموا قواها بصبر وثبات على الحق، والله هو المنقذ والحامي.