ومع كل ذلك فقد رأى فيهم النصارى والصليبيون، حليفا طبيعيا، ونعمة ساقها الله إليهم لمساعدتهم في صراعهم التاريخي ضد المسلمين، خصوصا لما رأوه من عنفهم وشراستهم، وسرعة اجتياحهم للبلاد التي قصدوها في عهد إمبراطورهم كيوك، من الصين شرقا حتى أواسط روسيا وإيران وجبال طورس غربا، وما ألحقوه من هزيمة بكيخسرو الثاني سلطان سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، وإخضاعهم هيثيوم ملك أرمينية النصراني لسلطانهم [٩] فرأوا أن هؤلاء لو تحالفوا معهم أو استطاعوا أن يدخلوهم في النصرانية، فسوف يشكلون قوة هائلة تضغط على المسلمين في الشام ومصر من الشرق، في حين تضغط عليهم أوروبا من الغرب، فيصبحون بين المطرقة والسندان، مما قد يؤدي لاجتثاثهم.
بدء الاتصالات بين الصليبيين والمغول:
لهذا بدأ الصليبيون الأوروبيون في الاتصال بإيلخانات المغول، ومراسلتهم وتبادل الهدايا معهم، ودعوتهم إلى الإحسان لرعاياهم من النصارى، واستعدائهم على المسلمين من أيوبيين ومماليك وعباسيين، بل وإلى دعوتهم الصريحة وبإلحاح إلى الدخول في النصرانية [١٠] .
ومن هذه المحاولات ما فعله البابا انوسنت الرابع، innocent ٦٤٤هـ (١٢٤٥م) حين أرسل إلى توراكيتا خان في قرة قوروم [١١] مبعوثاً هو الراهب الفرنسيسكاني حناّ دي بلانوكاربنيس john de Plano carpinis يدعوه للدخول في الديانة النصرانية، فرد عليه مشترطا خضوعه - أي البابا- وخضوع أمراء أوروبا لسلطانه كثمن لذلك [١٢] فلم يسع البابا قبول هذا المطلب الذي كان ثمنا باهظاً لمطلبه الجريء.
كما أن البابا انوسنت الرابع نفسه قد أرسل سفارة إلى بيجو زعيم مغول القوقاز تدعوه إلى الدخول في النصرانية. [١٣] وذلك سنة ٦٤٤هـ (١٢٤٦م) .
موقف الإيلخان كيوك ٦٤٤ -٦٤٦ هـ (١٢٤٦- ١٢٤٨م) من هذه الدعوة.