للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنقص المتضمن في الفعل {تَنْقُصُ} المسند إلى الأرض بطريق الصدور والقيام لم يتوقف فهمه على شيء آخر يتعلق به الفعل تعلق الوقوع عليه بحيث لا يمكن تعقل الفعل، وتصوره إلا بعد تعقل ذلك الشيء وتصوره. بل يجوز فهمه مادام الفاعل المسند إليه الفعل قد فهم مع عدم خطو رأي متعلق غيره بالبال.

... وقد يكون النقص متعديا يتوقف فهم فعله على فهم أمر غير الفاعل. قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (١) .

والنقص كما يكون في معاني مدلولات الألفاظ، كذلك يكون في الألفاظ الدالة على المعاني بأقسامها الثلاثة: الاسم والفعل والحرف.

ففي الاسم مثل: الفاعل للفعل المبني للمفعول. حيث ينقص بحذفه، وإقامة المفعول به مقامه. مثل: "نيل خبر نائل "فأصل الكلام (نال زيد خبر نائل) فحذف الفاعل وهو (زيد) وأقيم المفعول به وهو (خبر نائل) مقامه، فأخذ حكم المفاعل من الرفع، والتأخر عن الفعل الرافع له. والفاعل اسم.

وفي الفعل مثل: الفعل الذي يدل دليل عليه وإن لم يذكر. فإنه يجوز حذفه مثل (زيد) مقولا في جواب قول القائل: من قرأ؟ فإن تقدير الجواب (قرأ زيد) لكن الفعل (قرأ) حذف لدلالة الاستفهام عليه.

وفي الحرف مثل: الهمزة في (يكرم) مضارع أكرم. فإن أصله (يؤكرم) حذفت منه الهمزة. والهمزة حرف.

والنقص بالحذف لابد أن ينطوي على فائدة تعود إما إلى اللفظ بالطلاوة والحسن والرقة والخفة. وإما إلى المعنى كتوقير المحذوف أو تحقيره أو غيرهما.

والنقص بالحذف يشترط العلماء فيه - بالإِضافة إلى كونه مفيدا - أن لا ينقص من بلاغة الكلام، ولا يخل بالمعنى لأنه أحد قسمي الإيجاز. والإيجاز فن من فنون البلاغة. ففي الأمثلة التي مرت نرى أن النقص أتى بفوائد كانت تنتفي لو قدر للنقص أن ينتفي.