واستغل تيوفيل (٢١٥-٢٢٨هـ- ٨٢٩ هـ ٨٤٢ م) امبراطور الروم وفاة المأمون، واشتداد حركة بابك الخرمي، فنسق معه، وهاجم زبطرة، وأوقع بها، وأسر من المسلمات ألف امرأة، ومثل بمن وقع في أسره من المسلمين فقطع آذانهم، وسمل أعينهم [٥٦] . فهب أهل الثغور من الشام والجزيرة، إلا من لم يكنِ له دابة ولا سلاح، وبلغ ذلك المعتصم، فصاح في قصره النفير!، النفير!، ووجه عجيفاً وطائفة من الأمراء لإعانة الثغور، وتحرك بجحافل إسلامية أمثال الجبال، فقد عُبّئ جيشه تعبئة لم يسمع بمثلها، وقدم بين يديه الأمراء المعروفين بالحرب، وسار على رأسهم، فانتهى في سيره إلى نهر اللامس القريب من طرسوس في رجب عام ٢٢٣ هـ. وقسم جيشه إلى ثلاث فرق، سيّر إشناس من درب ١٥٥، طرسوس، وأمره بانتظاره في الصفصاف، وانطلق هو على أثره، واستولى المسلمون على أنقرة، ثم تقدموا إلى عمورية (مسقط رأس الأسرة العمورية الحاكمة في بيزنطة (٨٠٢هـ ٨٦٧ م) وعلى مسافة سبعة مراحل من أنقرة، وحاصر المعتصم عمورية، واستولى عليها، وأمر بهدمها، وأحرقت. وكان نزوله عليها لسِتٍ خلون من رمضان، وأقام عليها -خمسة وخمسين يوما. ولم يستغل المعتصم انتصاره الكبير هذا، بل رجع إلى طرسوس [٥٧] ، ليصفي حسابه مع المتآمرين في جيشه، ففوت الفرصة على المسلمين في التقدم إلى القسطنطنية، ولكنه أمر بتحصين قالياقلا، وأمر ببناء زبطرة ورمّها وشحنها [٥٨] فعادتا كما كانتا قبل مهاجمة تيوفيل لهما. وكان تيوفيل استنجد بملوك أوربا وأمرائها.. وهذا أيضا من الأسباب التي منعت المعتصم من استثمار ذلك النصر الكبير.