لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} . فأقسم تعالى في هذه الآية على أن من أطاع الشيطان في معصية الله أنه مشرك بالله ولما سأل عدي بن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً} ، كيف اتخذوهم أربابا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ألم يحلوا لهم ما حرم الله ويحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم". قال:"بلى". قال:"بذلك اتخذوهم أربابا". فبان أن أهل الكتاب مشركون من هذا الوجه الشرك الأكبر وإن كانوا خالفوا كفار مكة في صريح عبادة الأوثان والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى:{انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} . الآية. هذه الآية الكريمة تدل على لزوم الخروج للجهاد في سبيل الله على كل حال وقد جاءت آيات أخرى تدل على خلاف ذلك كقوله:{لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ} . الآية. وقوله تعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} . الآية.
والجواب: أن آية انفروا خفافا وثقالا منسوخة بآيات العذر المذكورة وهذا الوضع من أمثلة ما نسخ فيه الناسخ لأن قوله: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً..} ناسخ لآيات الإعراض عن المشركين وهو منسوخ بآيات العذر كما ذكرنا آنفا. والعلم عند الله تعالى.