كان الناس في الإطار العام للدولة يعانون من الشتات الاجتماعي مما سهل لكثير من الآفات الاجتماعية أن تنشط في الحياة الاجتماعية، فانتشرت الأمراض، وتوسعت دائرة الفقر، وظهرت المفاسد الخلقية في مواقع من البلاد، وهذا كان منفذا للأعداء، سهل لهم الوصول إلى كثير من الأمصار الإسلامية، وغايتهم إضعاف الدولة الإسلامية، وكسر شوكتها ثم القضاء عليها، على أن هذا العصر لم يخل من ومضات إصلاحية في شتى المجالات، كثيرا ما تعرقلها الخلافات الداخلية، وتهاجمها الحملات الخارجية، وقد أبطلت الفواحش والقمار، والخمور، وقرئت بذلك المراسيم [٦٧] ، وعممت على البلاد في بعض الأحيان. وكان لها الأثر الإيجابي في حياة المسلمين.
الناحية العلمية:
لقد كان للهجمة التترية الشرسة على العالم الإسلامي أثرها السيء، فقد أخرت عجلة التقدم الحضاري في المجالات السياسية والعلمية والاقتصادية بوجه خاص، وكان المجال العلمي أقل الثلاثة تأثرا، وذلك ليقظة علماء المسلمين الذين كان لهم دور بارز في الإصلاح العلمي، إذ جردوا عن سواعد الجد، ونشطوا في دفع عجلة الحضارة العلمية، وكان لدعم الولاة أثر بارز في بناء المدارس، وتكريم العلماء، حتى ارتفعت ألوية العلم والمعرفة وازدهر التأليف في مختلف العلوم والفنون، فبرز علماء أفذاذ، أثروا المكتبة الإسلامية بذخائر، تجسدت آثارها في الحياة عند المسلمين عبر الأجيال.
الناحية الحضارية بوجه عام:
حاول أعداء الإسلام غير مرة القضاء على الحضارة الإسلامية من خلال ضرب المراكز الثقافية، ومن أعظم ما منيت به الثورة المعرفية الإسلامية إسقاط الدولة العباسية، والاستيلاء على مهد حضارتها ببغداد في عام ٦٥٦ هـ.