للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا المصنف النفيس من أقدم المصنفات الحديثية، لذلك جزم الإمام الشافعي - رحمه الله - بأنه أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى [١٦٤] . ورجح الإمام البخاري أن أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر [١٦٥] ، أما كلام الشافعي - رحمه الله - فقد سرى مفعوله واستمر، فلم يكن في وقت الموطأ مثله، فلما خرج الإمام البخاري بكتابه "الجامع الصحيح"، وتلاه الإمام مسلم، وهيَّئَا من الأسباب والاحتياطات، ما جعل كتابيهما يفوقان الموطأ ويتقدمان عليه، وعلى ما تقدم حمل العلماء كلام الشافعي - رحمه الله -[١٦٦] , وإن كان من العلماء من لم يقتنع بالإجابة المذكورة، وفي رأيه أن الموطأ تقدم على الصحيحين من حيث الوجود، وهو حق، ولم يتأخر عنهما من حيث الرتبة، وفيه نظر، لأن ما فيه من المراسيل، والبلاغات من وجهة نظر الآخرين تجعله يتأخر رتبة، وهو أمر غير مؤخر للإمام مالك - رحمه الله - فهو رأس أتباع التابعين، وإمام دار الهجرة، وأهل السنة والجماعة، فضائله منشورة، ومناقبه مأثورة، ومكانته عظيمة عند المسلمين، توخى في كتابه القوي من أحاديث أهل الحجاز، ومزجه بأقوال الصحابة والتابعين [١٦٧] ، فجمع الحديث الصحيح والمراسيل والبلاغات، ومن نظر في الآخذين عن الإمام مالك كتابه الموطأ من علماء الأمة ومختلف الديار، يعلم بالضرورة أن أصحاب الحديث استفادوا من الإمام مالك، كثيرا في المعلومات الحديثية، وفي الأسلوب التأليفي، وإن بعض من ألف بعده في هذا الشأن من التابعين وأتباعهم، انتهج نهجه، واستفاد من صنيعه، ومن هؤلاء أصحاب الكتب الستة، ولا يبعد عن الواقعية من قال: إن أصحاب كتب الحديث عالة على الإمام مالك وأصحابه، فهو شيخ لجميعهم من حيث البنية الأساسية للتأليف [١٦٨] .