توجبها العقيدة والتزام الثبات عليها: نحن اليوم نعيش في غزو فكري، الغزاة فيه وحوش ضارية، هم أشد ضراوة من الغزاة العسكريين، فهؤلاء استهدفوا الأرض قرونا أو قرنا وبعض قرن وفي النهاية طردوا منها أشلاء صاغرين وقامت على تلك الأرض دول إسلامية تشهد بشهادة التوحيد وتستقبل كعبة المسلمين، أما غزاة الفكر فقد استهدفوا المسلم نفسه لا أرضه فقط، فغزوا مخه وقلبه وعشعشوا فيهما وعنكبوا، باض فيهما وفرخ سرطان تمكن من عقيدة الإسلام وفقه المسلمين، فحوَّلهما إلى عقيدة الكفر وفقه الشياطين.
حررت أرض المسلمين من الغزو العسكري، وقامت جيوش وحكومات إسلامية مكان ذلك الغزو، ولكنها بألسنة عربية وقلوب أعجمية كما أنذر نبينا صلوات الله وسلامه عليه.
فقد تكهن شيطان من شياطين الغزو العسكري، وقد فشل في غزوه وهلك شريدا طريدا بأن فتوحاته ستعود ما انتشر قانونه ودام فقهه، وأعني به نابليون، فقد تكهن قائلا:"ستمتد فتوحاتي حيث يصل قانوني".
{وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . وهذا الفريق على قلَّته بين المسلمين، قد أخذ إبليس بقانونه النابليوني ينتقص من أطراف فقهه، في مؤسسات وشركات وأنظمة.
أما العالم الإسلامي في أكثره فقانون نابليون بكفره وظلمه وكثرة فسوقه قد غزاه وحكمه حكومات وشعوبا ولا تزال كليات الحقوق في جامعاتهم تجمع لإبليس طلابا وتخرِّج له أساتذة ودكاترة، يحلُّون قوانينه محلَّ فقه الإسلام، {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ. وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} .
وكثير من هؤلاء لو يقرب لهم الفقه بما اعتادوه من تقنين ووسائل لعادوا إليه عود الغريب لأهله والشارد إلى قومه.