فابن مالك إذًا اتبع خطّاباً في إجازة هذه المسألة بشرط أمن اللبسِ. قال خطّاب في الترشيح [١٧٦] : "فإن قلت: ضُربَ زيدٌ - لم يجز أن تقول فيه: ما أَضرب زيدًا! لأنه كان يلتبس بالفاعل, ولكن تقول: ما أَشدَّ ما ضُربَ زيدٌ! ولو قلت: ما أخوف زيداً! على أنه هو المخوف، وما أحمى زيداً! على أنه هو المحمي لم يجز ذلك لالتباسه بالفاعل، إلاّ أن يأتي من ذلك ما ليس فيه التباس. وقد ردّ على الرمادي قوله:
من الخوف والأحراس في حبس ضيغمِ
ولا شبل أحمى من غزال كأنه
ولا عيب فيه عندي لقلة التباسه. وقد جاء مثله لكعب بن زهير في مدحه لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حيث يقول:
وقيل إنك مسلوبٌ ومقتولُ
فلهو أخوف عندي إذ أكلّمه
في بطن عثَّر غيلٌ درنه غيلُ
من ضيغمٍ من ضراء الأسد مخدرُه
قال أبو حيان [١٧٧] : "وتبع ابن مالك خطابّاً، فقال:"وقد يبنيان من فعل المفعول إن أمن اللبس، نحو: ما أجنّه، وما أبخته، وما أشغفه! وهو في أفعل التفضيل أكثر منه في التعجب، كأزهى من ديك، وأشغل من ذات النحيين، وأشهر من غيره، وأعذر، وألوم، وأعرف وأنكر، وأخوف، وأرجى - من شُهر، وعُذر، وليم، وعُرف، ونُكر، وخيف، ورُجي، وإذا لم يلبس فلا يقتصر فيه على السماع، بل يحكم باطراده في فعل التعجب وأفعل التفضيل". انتهى.
المسألة الثانية:
أجاز ابن مالك [١٧٨] أن يبنى فعلا التعجب من الأفعال التي يدل على فاعلها بوزن (أفعل) مما يفهم جهلاً، نحو: ما أحمقه، وما أهوجه، وما أرعنه، وما أنوكه! حملا على ما أجهله! لتقاربهما في المعنى". وقال في التسهيل: "ومن فِعْل (أَفَعْلَ) مُفْهِمَ عُسرٍ أو جَهْل".