٣- الدليل على ذلك مجيئهم باللام، فيقولون: ما أَضرَبَ زيداً لعمرو!، ولو كان باقياً على تعديه لقيل: ما أَضْرَبَ زيداً عمراً!؛ لأنه متعدٍ إلى واحد بنفسه، وإلى الآخر بهمزة التعدية، فلما أن عَدَّوه إلى المفعول بهمزة التعدية، عَدَّوْه إلى الآخر باللام، فهذا هو الذي أوجب لهم أن قالوا: إنهما لا يصاغان إلا من فعل الفاعل، لا من الفعل الواقع على المفعول". "وفي امتناعهم من إجارة: ما أَضْرَبَ زَيْداً عمراً! حتى يقولوا: لعمرو, دلالة على أن النقل وقع من فعل غير متعدٍ" [٢٨] .
وقال ابن جني في الخاطريات: "مسألة (ما أَضْرَبَ زيداً لِعَمْروٍ!) فذا يدل على أن (أفْعَلَ) التعجب لا يُبنَى إلا من غير متعدٍ، وهو (فعُلَ) . ألا تراه لو كان "أَضْرَبَ" هنا منقولا من "ضَرَبَ "هذه المتعدية لوجب بعد النقل أن يتعدى إلى مفعولين، فيقول: ما أَضرَبَ زيداً عمراً!، أي: جعلته يضربه، فحاجته إلى اللام يدل على ضعفه، وأنه ليس منقولاً من "ضَرَبْتُ"هذه المتعدية, بل من "ضَرُبْتَ"كقولك: "ظَرُفْتَ"، وعليه حكاية الكوفيين, فيما رويناه عن ابن مِقْسَمٍ، عن ثَعْلَبَ: ضَرُبَتِ اليَدُ! أي: جاد ضرْبُها" [٢٩] .
هذا إذا كان الفعل الثلاثي متعدياً بنفسه إلى مفعوله، أما إن كان متعدياً بحرف الجر [٣٠] , مثل: رغب زيدٌ في عمرو، فيعدى كما كان في الثلاثي يتعدى، إذ ليس "تحت إعماله لحرف الجر منزلة أنزل منه فينحطوا إليها، فلما لم يجدوا ذلك) ل (يبلغوه فأقاموا عليه، كما أنهم لما قالوا: مررت بزيد، ثم بنوا منه اسم الفاعل قالوا: هذا مارٌّ بزيد، فعدوا اسم الفاعل بالحرف كما عدوا الفعل به، وإن كنا نعلم ضعف اسم الفاعل في التعدي عن الفعل، ألا تراك تقول: ضَرَبْتُ زيداً، وأنا ضارِبٌ لزيدٍ، لكنهم لم يجدوا تحت حرف الجر منزلة فينْحَطُّوا إليها مع اسم الفاعل" [٣١] .