قال الحافظ ابن حجر:"الجواب أن الخيار يثبت بالتدليس كمنِ باع رحى دائرة بما جمعه له بغير علم المشتري فإذا اطلع عليه المشتري كان له الرد، وأيضاً فالمشتري لما رأى ضرعا مملوءا لبنا ظن أنه عادة لها فكأن الباب شرط له ذلك فتبين الأمر بخلافه فثبت له الرد لفقد الشرط المعنوي لأن البائع يظهر صفة المبيع تارة بقوله وتارة بفعله فإذا أظهر المشتري على صفة فبان الأمر بخلافها كان قد دلس عليه فشرع له الخيار وهذا هو مخص القياس ومقتضى العدل فإن المشتري إنما بذل ماله بناء على الصفة التي أظهرها له البائع، وقد أثبت الشارع الخيار للركبان إذا تلقوا واشترىَ منهم قبل أن يهبطوا إلى السوق ويعلموا السعر وليس هناك عيب ولا خلف في شرط ولكن لما فيه من الغش والتدليس".
قال ابن دقيق العيد:"وأما المقام الثاني وهو النزاع في تقديم قياس الأصول على خبر الواحد فقيل فيه أن خبر الواحد أصل بنفسه يجب اعتباره لأن الذي أوجب اعتبار الأصول نص صاحب الشرع عليها وهو موجود في خبر الواحد فيجب اعتباره وأما تقديم القياس على الأصول باعتبار القطع وكون خبر الواحد مظنونا فتناول الأصل لمحا خبر الواحد غير مقطوع به لجواز استثناء محل الخبر عن ذلك الأصل وعندي إن التمسك بهذا الكلام أقوى من التمسك بالاعتذارات عن المقام الأول".
وقال الخطابي:"والأصل أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب القول به وصار أصلا في نفسه وعلينا قبول الشريعة المبهمة كما علينا قبول الشريعة المفسرة والأصول إنما صارت أصولا لمجيء الشريعة بها وخبر المصراة قد جاء به الشرع من طرق جياد أشهرها هذا الطريق فالقول به واجب وليس تركه لسائر الأصول بأولى من تركها له".