ومن المعروف أن ابن هشام لم يكن على وفاق مع أبي حيان، بل كان كثير المخالفة له، شديد الانحراف عنه.
ومهما يكن من أمر فستبقى هذه الرسالة تذكر لابن هشام حتى يثبت خلاف ذلك بأدّلة قاطعة. والله أعلم.
موضوع الرسالة
هذه رسالة قيّمة تكتسب قيمتها من أهمية الموضوع الذي تعالجه، وهو إعراب الاسم الواقع بعد إلا من كلمة التوحيد، في قولنا: "لا إله إلا الله".
وقد ذكر المصنّف في هذه الرسالة جواز الرفع والنصب في الاسم الواقع بعد "إلا"من كلمة التوحيد، فقال: يجوز الرفع فيما بعد إلا والنصب. والأول أكثر، نص على ذلك جماعة منهم العلامة ابن عمرون في شرحه على المفصّل. وظاهر كلام ابن عصفور والأبذيَ يقتضي أن النصب على الاستثناء أفصح، أو مساو للرفع على بعض الوجوه ...
وقد فصّل المصنّف كثيرا في بيان أوجه الرفع والنصب، مع المناقشة والاستدلال والترجيح، فذكر للرفع ستة أوجه وللنصب وجهين. وهذا موجز للأوجه المختلفة:
فأما الرفع فمن ستة أوجه، وهي:
١- أن خبر "لا"محذوف، و"إلا الله"بدل من موضع لامع اسمها، أو من موضع اسمها قبل دخولها. وهذا هو الإعراب المشهور لدى المتقدمين وأكثر المتأخرين.
٢- أن خبر لا محذوف، كما سبق، والإبدال من الضمير المستكن فيه. وهذا الإعراب اختاره بعض.
٣- أن الخبر محذوف أيضا، و"إلا الله "صفة لـ "إله"على الموضع، أي موضع لا مع اسمها، أو موضع اسمها قبل دخول "لا".
٤- أن يكون الاستثناء مفزعا، و"إله"اسم "لا"بني معها، و"إلا الله"الخبر. وهذا الإعراب منقول عن الشلوبين، ونقله ابن عمرون عن الزمخشري.
٥- أن "لا إله"في موضع الخبر، و"إلا الله"في موضع المبتدأ. وهذا الإعراب منسوب للزمخشري.
٦- أن تكون "لا"مبنية مع اسمها، و"إلا الله"مرفوع بـ "إله"ارتفاع الاسم بالصفة، واستغني بالمرفوع عن الخبر، كما في مسألة: ما مضروبٌ الزّيدان، وما قائِمٌ العَمْران.
وأما نصب ما بعد "إلا"فمن وجهين: