نصبت له وجهي ولا كِنّ دُونَهُ
ولا سترَ إلا الأتْحَمِيُّ المُرَعْبَلُ
قال الزمخشري: "كّن"مبنية مع لا لتضمنها معنى من المقدرة بعد لا. ودونه: في موضع رفع، أي لا كنّ استقر دونه، وهو خبر لا ... والأتحمي: بدل من موضع لا واسمها، لأن موضعهما رفع على أنه مبتدأ. وهو مثل قولنا (لا إله إلا الله) ، كأنه قال: الله الإله.
وقال أبو البقاء: الأتحمي: بدل من موضع لا واسمها. لأن موضعها رفع، ومثله قولنا (لا إله إلا الله) .
ب- وقال الشاعرِ:
إلاّ الضَّوابِحَ والأصْداءَ والبُوما
مَهامِهاً وخروقاَ لا أَنيسَ بها
جـ- وقال آخر:
أمرتكمُ أمري بمُنعَرجِ اللّوي
ولا أَمْرَ لِلْمَعصيِّ إلاّ مُضَيَّعاَ (١)
هذان البيتان استشهِد بهما الرضي على أن النصب بعد إلا فيهما قليل، كما في قولك: لا أحد فيها إلا زيداَ.
واستشهد سيبويه بالبيت الثاني منهما على أن "مضيعا"نصب على الحال. قال سيبويه كأنه قال: للمعصي أمرٌ مُضَيَّعاَ. كما جاء: فيها رجلٌ قائماً. وهذا قول الخليل رحمه الله. وقد يكون أيضاً على قوله: لا أحد فيها إلا زيداً.
قال ابن السيرافي: يريد أن "مضيَّعا"قد ينتصب أيضا على غير وجه الحال، على أن يكون مستثنى من "أمر"في قوله "ولا أمر"، كما استثني زيد من رجل، في قوله: لا رجل فيها إلا زيدا. وكأنه قال: ولا أثر للمعصي إلا أمراً مُضيعا، فحذف المنعوت وقام النعت مقامه.
ووقوال الأعلم (١) : ونصف "مضيعا"على وجهين: أجودهما الحال، وحرف الاستثناء قد يدخل بسم الحال وصاحبها ... والوجه الآخر أنه نصب على الاستثناء بعد النفي، والوجه البدل من موضع لا، كما أن الرفع على البدل من موضع لا في (لا إله إلا اللَّهُ) أقوى من النصب بالاستثناء.
نسخة الرسالة الخطية
(١) من أبيات للكحلبة العرني، الخزانة ٣/ ٣٨٥.