للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كله طاعة لأمر الله سبحانه، فالذمي جار المسلم يواليه، ولا ينقص من حقه شيئاً، ولا يتدخل في شئونه التي له بها عهد، وله العدل، ظلمه حرام، واضطهاده حرام، وحرمانه من حقه حرام، له دينه، وللمسلم دينه، وعلى المسلم أن ينصره، ويمنعه، ويمنعه اضطهاده، بل وصل الإسلام إلى حدّ أنه أمر المسلم بأن يعمل على توفير الأمن للمشرك الخائف وحمايته، وإيصاله إلى مأمنه. قال تعالى:

{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} (١) .

وأوجب نصرة المعاهدين، ولم يوجب نصرة المسلم الذي ليس بينه وبين المسلمين ميثاق، قال تعالى:

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاق} (٢) .

وقد طبق المسلمون أحكام دينهم، فعاملوا أهل الذمة بما يوجبه الإسلام في معظم عهودهم، ولم يضيقوا عليهم حتى فيما يعتقده المسلمون حراماً، فسمحوا للنصارى بالخمر، والخنزير. قال الشافعي رحمه الله:

"وعلينا أن نمنع أهل الذمة، إذا كانوا معنا في الدار، وأموالهم، التي يحل لهم أن يتمولوها مما نمنع منه أنفسنا، وأموالنا، من عدوهم إن أرادوهم، أو ظلم ظالم لهم، وأن نستنقذهم من عدوهم لو أصابهم، وأموِالهم التي يحل لهم، فإذا قدرنا استنقذناهم، وما حل لهم ملكه، ولم نأخذ لهم خمراً ولا خنزيرا".

وقد ألَزم الإسلام أهل الذمة بواجبات مقابل هذه الحقوق، وتتلخص في: ترك ما فيه ضرر على المسلمين في مال أو نفس، وهي ثمانية أشياء.


(١) سورة التوبة الآية: ٦.
(٢) سورة الأنفال الآية:٧٢.