"وقد نمت المدنية الإسلامية بالتوسع لا بالتعمق، داعية إلى العقيدة، مناقشة لتلك الحركات الفكرية الموجودة. وفوق كل ذلك، فبتقدم الإسلام تهاوت الحواجز القديمة من اللغة، والعادات، و. توفرت فرصة نادرة لجميع الشعوب، والمدنيات لتبدأ حياة فكريه جديدة، على أساس المساواة المطلقة، وبروح من المنافسة الحرة".
والواقع أن أعمال الفاتحين المسلمين لا تدع مجالاً للشك في أن المسلمين لم يُكرهوا أحداً على اعتناق الإسلام، بل سارع الناس لاعتناقه لما لمسوه من نعمة الإسلام، ولما لمسوه في الفاتحين. ووصيّة محمد صلى الله عليه وسلم لجيش مؤتة معروفة، وعلى نمطها أوصى أبو بكر رضي الله عنه جند المسلمين، وبيّن لهم كيفية معاملة أهل البلاد المفتوحة. وأمر خالد بن الوليد أن يتألف أهل فارس ومن كان في ملكهم. فترك المسلمون لأهل الذمة حريتهم الدينية، وخلّصوهم من اضطهاد بعضهم لبعض.
وأقرأ ما كتبه "ساويرس بن المقفع"النصراني الأرثوذكسي المعاصر للفتوحات الإسلامية، وهو يتكلم عن عدل المسلمين، ويذكر غبطة غير المسلمين في ظل الحكم الإسلامي:
"وكانت أعمال الأرثوذكسية الصالحة تنمو، وكانت الشعوب فرحين، مثل العجول الصغار، إذا حُلّ رباطهم، وأطلقوا على ألبان أمهاتهم".
واقرأ رسالة البطريق النسطوري "يشوع ياف"إلى "سمعان"رئيس أساقفة فارس، وقد راعه تسارع الناس إلى الدخول في الإسلام:
"أين أبناؤك أيها الأب، الذي ثكل أبناءه، أين أهل مرو العظماء، الذين على الرغم من أنهم لم يشهدوا سيفاً، ولا ناراً، ولا تعذيباً ...
واحسرتاه، واحسرتاه على هذه الآلاف المؤلفة التي تحمل المسيحية، والتي لم يتقدم حتى واحد منها ليهب نشمه ضحية للرب، ويريق دماءه في سبيل الدين الحق ... .