وقد اهتم الخلفاء بجميع أفراد الأمة من مسلمين وغير مسلمين، وقصة القبطي الذي ضربه ابن عمرو بن العاص مشهورة. وقصة العاشر والتّغلبي النصراني مع عمر بن الخطاب، واليهودي المتسوّل الذي فرض له ولأمثاله من بيت مال المسلمين. وقصة جبلة بن الأيهم الغساني مع الأعرابي الفزاري، وقصص جلوس الخلفاء أنفسهم للقضاء أمام خصومهم، كل ذلك مكن للدعوة الإسلامية من التثبيت، والامتداد، والانتشار.
وجلس الخلفاء أنفسهم أمام رعاياهم من أهل الذمة للقضاء، وقضية الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الرجل النصراني دليل على ذلك:
"وجد علي بن أبي طالب درعه عند رجل نصراني، فأقبل به إلى شريح قاضيه، وقال له:
"الدرع درعي، ولم أبع، ولم أهب".
فقال شريح للنصراني: "ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين"؟.
فقال النصراني: "ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب".
فالتفت شريح إلى علي. فقال:
"يا أمير المؤمنين هل من بينة "فضحك علي.
وقال: "أصاب شريح مالي بينة".
فقضى شريح للنصراني. فأخذ النصراني الدرع، ومشى خطوات، ثم رجع وقال:
"أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، أمير المؤمنين يدنيني إلى قاضيه يقضي عليه. أشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين".
فقال: "أما إذا أسلمت فهي لك"وحمله على فرسه
وهكذا كان القضاء عامل جذب كبير الإسلام.
كما كانت صلاة الجماعة في المسجد عامل جذب قوي أيضاً، تلك العبادة التي تتجلى فيها روعة المساواة بين البشر جميعاً بأعلى صورها في إلغاء الفوارق.