للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالدفاع على المنصورة- التي وصل الصليبيون إليها إلى بعض أنحائها بعد أن فر أمام هجمتهم بنو كنانة وبعض المماليك - وقع الملك الصالح مريضا ولم يلبث أن توفى بعد مرض عضال.

وهنا ظهرت شخصية وعبقرية زوجته شجر الدر، التي أدركت مدى الخطر المحدد بالمسلمين، إذا أنّ علم الجيش والعامة بخبر موت السلطان، محل شأنه أن يوقع الوهن في العزائم، ويثير الأحقاد والمطامع الكامنة في نفوسهم وأن يطمع الصليبيين فيهم، فقامت بإخفاء خبر موته، وأرسلت سرا وعلى عجل تستدعي ابنه تورانشاه من حصن كيفا بأطراف العراق ليتولى عرش والده.

وخلال هذا الوقت تبدت بطولة الأمراء المماليك، فتصدىَ بيبرس البندقداريَ ومعه فرقة من المماليك البحريين الصالحين للصليبيين، فشن عَليهم هجوما من خارج المنصورة، وطردهم من بعض نواحيها ثم لاحقهم الأمير أقطاي- القائد العام للجيش- مستعملا النار الإغريقية حتى قرروا الهروب إلى دمياط.

وعندما وصل تورانشاه بن السلطان الملك إلى صالح إلى مصر عام ٦٤٧ هـ (.١٢٥م) ولي السلطة دون معارضة، فكان من أول أعماله أن حاصر الصليبيين وحاد بينهم وبين وصول المدد إليهم عن طريق دمياط، وقطع عليهم طريق العودة. وعندما اضطر الملك لويس التاسع بسبب حراجة موقفه إلى طلب الهدنة، ولكن المصريين رفضوا طلبه، وعندئذ حاول التسلل ليلا والانسحاب تحت جنح الظلم، فلم تفلح حيلته، حيث إن المسلمين قد علموا بالأمر فاستعدوا لإفشاله وطاردوا الصليبيين حتى فارسكور، وقتلوا منهم خلقا كثيراً بلغ أكثر من ثلاثين ألفا، وسقط الملك نفسه أسيرا، فسجنه المسلمون في دار ابن لقمان بالمنصورة، وكلفوا الطواشي صبيح بحراسته.