للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلاصة ما ورد عنه أنه يقول بأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرد عن القرائن يحمل على الوجوب إن ظهر فيه قصد القربى والعبادة.

وقد استدل على قوله هذا بالأدلة الآتية:

أولا: قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (١) .

وجه الاستدلال: أن هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، لذا يجب اتباعه في أقواله وأفعاله.

ثانيا: قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (٢) .

وجه الاستدلال: أن الأمر هذا يستعمل في القول والفعل والدليل عليه قوله عز وجل {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْض} (٣) وقوله عز وجل: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} (٤) .

وقول الشاعر:

فقلت لها: أمري إلى الله كله

وإني إليه في الآياب لراغب

والمراد من الأمر بذلك كله هو الفعل. والتحذير عن مخالفته يقتضي وجوب موافقة فعله.

ثالثا: قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} (٥) .

وجه الاستدلال: أن هذه الآية وردت في حق من تخلف عن غزوة أحد، ولم يتأس بالرسول صلى الله عليه وسلم في حضورها فتوعد على ذلك بقوله: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} وهذا إنما يستعمل عند الوعيد كما نقول "لا يترك الصلاة من يؤمن بالله واليوم الآخر. يريد بذلك أن تركها من أفعال الكفر وأفعال من لا يؤمن بالله. وبهذا لا معنى للتأسي به إلا أن يفعل الإنسان مثل فعله.

رابعا ً: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (٦) .

وجه الاستدلال: دلت الآية الكريمة على أن محبة الله عز وجل مستلزمة للمتابعة. لكن المحبة واجبة بالإجماع، ولازم الواجب واجب فمتابعته واجبة.


(١) سورة الأعراف آية: ١٥٨.
(٢) سورة النور آية: ٦٣.
(٣) سورة السجدة آية: ٥.
(٤) سورة الشورى آية: ٣٨.
(٥) سورة الأحزاب آية: ٢١.
(٦) سورة آل عمران آية: ٣١.