للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حادي عشر: لا خلاف أنه يجوز أن يكون واجباً والاحتياط في فعله واجب لأنا لا نأمن أن يكون واجبا فنتركه. وهذا صحيح، لأنه نوى الوجوب، فإن كان واجبا فقد فعله، وإن كان ندبا سقط الوجوب، وبقي فعله نفلا، كرجل شك هل عليه فرض أم لا؟ فصلى صلاة، ونوى الفرض احتياطاً، ثم بان أنه لم يكن عليه فرض فإنها تكون نافلة.

ثاني عشر: أنه لا نزاع في وجوب تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم في الجملة، وإيجاب الإتيان بمثل فعله تعظيماً له، وبدليل العرف، والتعظيمان يشتركان في قدر من المناسبة فيجمع بينهما بالقدر المشترك، فيكون ورود الشرع بإيجاب ذلك التعظيم يقتضي وروده بأن يجب على الأمة الإتيان بمثل فعله.

ثالث عشر: البيان تارة يكون بالقول، وتارة يكون بالفعل، ثم ثبت أن القول يقتضي الوجوب فكذلك الفعل.

(١) مسألة: فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرد من القرائن والذي لا يظهر منه قصد القربة. اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

فقال أبو العباس ابن سريج: "إذا لم يظهر في الفعل قصد القربة بل كان مجردا مطلقاً فإنه واجب علينا" إلا أن إمام الحرمين الجويني قد رد نسبة هذا القول إلى ابن سريج بقوله: "بأن هذا زلل وقدر الرجل عن هذا أجل".

ومن قال بأن ابن سريج يقول بالوجوب فقد أحال استدلاله في هذه على ما استدل به في مسألة فعل الرسول صلى الله عليه وسلم المجرد مع ظهور قصد القربة. وقد سبق ذكر هذه الأدلة في المسألة السابقة.

(٤) مسألة: وجوب العمل بخبر الواحد:

اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال عديدة. فقال أبو العباس ابن سريج: "بوجوب العمل بخبر الواحد شرعا وعقلا"وقد استدل على هذا الوجوب بالنقل والإجماع والمعقول.

أما النقل فقد استدل بالكتاب والسنة. وأدلته من الكتاب هي:

أولاً: استدل بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ ... } الآية.