للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل قوله عز وجل: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (١) . فهذا مما نسخ حكمه وثبت خطه.

(٢) مسألة: نسخ القرآن والسنة:

معنى ذلك هل يمكن أن يكون القرآن ناسخاً للسنة أم لا؟.

اختلف العلماء في حكم هذه المسألة على أقوال:

فقال أبو العباس ابن سريج: "بجواز ذلك، إلا أنه لم يرد ولم يقع".

وجاء في أحكام الفصول، أنه قال: "روي عن ابن سريج أنه كان يجيز ذلك إلا أنه زعم أن ذلك لم يقع في الشرع". ومعنى ذلك أن ابن سريج يقول بجوار ذلك عقلا إلا أنه لم يقع شرعا.

(٣) مسألة: نسخ الكتاب بالسنة المتواترة:

معنى ذلك هو أن السنة المتواترة يمكن أن تكون ناسخة للكتاب أم لا؟. اختلف العلماء في حكم هذه المسألة.

فقال أبو العباس ابن سريج: "بجواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، إلا أنه لم يقع شرعا". وجاء في كشف الأسرار أنه قال: "يجور عقلا، ولكن الشرع لم يرد به، ولو ورد به كان جائزا، وهو إحدى الروايتين عن ابن سريج".

وجاء في الإبهاج أنه قال: "وذهب ابن سريج إلى جواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة والسنة المتواترة بالكتاب إلا أنه لم يقع ولم يرد".

وجاء قوله في كتاب: الودائع بمنصوص الشرائع أنه قال: "ولا ينسخ القرآن بالسنة لأن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن".

وللتوفيق بين هذه النقول عنه نقول: إن ابن سريج يقول بجوار ذلك عقلا، وعدم تحققه ووقوعه شرعا. وقد استدل عام قوله هذا بالأدلة الآتية:

أولاً: استدل بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٢)

وجه الاستدلال: أن النسخ بيان للمنزل، فيجب أن يكون ذلك بيانا له.

ثانيا: النسخ إنما يتناول الحكم. والكتاب والسنة المتواترة في إثبات الحكم واحد، وإن اختلفا في الإعجاز. فيجب أن يتساويا في النسخ، لذا جاز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة.


(١) سورة الأنبياء آية: ٩٨.
(٢) سورة النحل آية: ٤٤.