للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} لقمان: ١٤.

ثالثاً: أن البر بالوالدين والإحسان إليهما لا يختص بهما إذا كانا مسلمين، بل حتى إذا كانا كافرين:

قال تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة: ٨.

والحديث الصحيح يفسر هذه الآية الكريمة، الوارد في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت:"قدمت أمي، وهى مشركة في عهد قريش ومدتهم، إذ عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم مع أبيها، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: "نعم صلي أمك" (١) . وأقوى من هذا في الدلالة على صلة الأبوين الكافرين قوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً..} لقمان: ١٥.

قال القرطبي رحمه الله: والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، وإِلانةِ القول، والدعاء إلى الإِسلام برفق.

رابعاً: إن الأمر بالإِحسان للوالدين قد كتبه الله سبحانه على الأمم السابقة، مما يدل على عظم حقهما وعلو شأنهما:

قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ... } البقرة: ٨٣.


(١) أخرجه في الجزية والموادعة ٦/ ٢٨١ وفي الأدب باب صلة الوالد المشرك وباب صلة المرأة أمها ولها زوج ١٠/٤١٣ مع الفتح. ورواه مسلم في الزكاة رقم ٥٠.