ومن قبل إبراهيم نوح عليه السلام، عندما لجأ إلى ربه وسأله المغفرة له ولوالديه وللمؤمنين، فقال تعالى:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً} نوح: ٣٨.
وذكر بعض أهل العلم أن أبويه كانا مسلمين.
سابعا: إن الله سبحانه عرض لنا في كتابه العزيز نماذج من سيرة بعض الأنبياء عليهم السلام، في برهم بوالديهم من أجل الاقتداء والاتساء وهذا من الاهتمام بشأن الوالدين، فمن ذلك:
أ- موقف يحيى بن زكريا عليهما السلام من والديه:
قال تعالى:{وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} مريم: ١٤.
إنه موقف البر والإِحسان ومجانبة العقوق والعصيان.
قال ابن كثير: لما ذكر تعالى طاعته لربه، وأنه خلقه ذا رحمة وزكاة وتقى، عطف بذكر طاعته لوالديه وبره بهما، ومجانبته عقوقهما قولا أو فعلا، أمرا أو نهيا، ولهذا قال:{وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً} ثم قال بعد هذه الأوصاف الجميلة جزاء له على ذلك: ٍ {وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً} أي له الأمان في هذه الثلاثة الأحوال.
إن بر عيسى عليه السلام بوالدته ذكره بعد الزكاة، والاستمرار عليها ثم جاء التنبيه على بره بوالدته، وهذا من المقارنة بين طاعة الرب سبحانه، وطاعة الوالدين.
قال ابن كثير: وقوله: ٍ {وَبَرّاً بِوَالِدَتِي} أي: وأمرني ببر والدتيْ ذكره بعد طاعة ربه، لأن الله تعالى كثيرا ما يقرن بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين.
وقوله:{وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً} أي: ولم يجعلني جبارا مستكبرا عن عبادته وطاعته وبر والدتي، فأشقى بذلك.