وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في معنى الآية قال: كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً، فإن كانت جميلة، وهويها تزوجها، وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى تموت، فإذا ماتت ورثها، فحرم الله ذلك ونهى عنه.
قال ابن كثير: والمقصود: أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل تزويجها، فتارة يرغب في أن يتزوجها، فأمره الله أن يمهرها أسوة بأمثالها من النساء، فإن لم يفعل، فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسع الله عز وجل، وهذا المعنى في الآية الأولى في أول السورة، وتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده، أو في نفس الأمر، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها.
٢- وراثتها على سبيل الإكراه والإضرار بها:
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً ... } النساء:١٩.
وسبب النزول كاف في بيان نوعية هذا الإكراه:
أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} ، قال: كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، وهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الاَية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً}(١) .
ولهذا الإِرث الإِكراهي صور شتى كانت الجاهلية تمارسه على الزوجة وهي تتقبله، لأنها غير مبين في الخصام، فمن ذلك:
أ- ما ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، والوارد في سبب النزول للآية أعلاه.
(١) صحيح البخاري مع فتح الباري (٨/ ٢٤٥) . رقم ٤٥٧٩.