وقد قدر لابن أبي الربيع الاتصال بنخبة لامعة من أئمة العلم البارزين في الأندلس وأن يأخذ عنهم ويحمل ما أجازوه حمله وروايته من مصنّفاتهم وسائر الكتب التي رووها عن أشياخهم ودرسوها في مجالسهم وحلقات دروسهم العامة، وقد ساعده على جودة التحصيل طموح قاده إلى التّفوق العلمي، وكفاءة سمت به إلى ذروة المجد يوم خلف شيخه أبا علي الشلوبين على درسه في الجامع الأعظم بإشبيلية بتوجيه من شيخه أبي علي فوصل درسه بدرس شيخه وسنده بسنده في كفاءة نادرة لا يجارى فيها وبراعة فائقة لا يشق له غبار، وأداء ما يتقاصر فيه عن شيخه أبي علي الشلوبين، إن لم يكن فاقة في رجاحة العقل ونباهة الضمير وحسن الممالحة، في مقابل الغفلة والبَلَه اللّذين نحس حظ أبي علي الشلوبين بهما، وغيرهما من الصّفات المنغصة في حياة أبي علي الشلوبين رحمه الله.
المبحث الثاني: شيوخه
حفل برنامج ابن أبي الربيع الذي رواه عن شيوخه، وأملاه على تلميذه أبي القاسم ابن الشاط الأنصاري - بأسماء نخبة من العلماء الّذين التقى بهم وصحبهم وقرأ عليهم، أو سمع ما يُقرأ في مجالسهم، أو أجازوه رواية ما روَوه عن أشياخهم أو أذنوا له برواية مصنفاتهم وغير ذلك من طرق الأداء والتحمل وفيما يلي تعريف موجز بأشياخه الذين ورَدَ ذِكْرُهم في برنامجه بحسب الكنية التي تصدرت اسم كلّ شيخ منهم.
١- أبو بكر محمد بن عبد الله الأنصاري الإشبيلي المعروف بالقرطبي المقري (١) .
كان عالماً مقرئاً مجوّداً ورعاً مُتَقَلّلا مِن الدُّنيا عاكفاً على التقييد، حريصاً على استفادة العلم..
قال ابن أبي الربيع فيما أخذ عنه: لزمتُه وحضرتُ مجلَسَهُ وقرأتُ عليه بعض كتاب الموطّأ، وسمعتُ عليه بعض تأليفه في التفسير، وأجازني جميع ما رواه عن جميع شيوخه. توفى سنة ٦٢٨هـ.