وقد بدأت الرحلة الأولى يوم الثلاثاء السادس والعشرين من ربيع الآخر عام ١٣٨٤هـ، وشملت زيارات الوفد أثناءها السودان وأرتيرية والحبشة والصومال وكينية وأوغندة وبورندي وتنجانيقة وروديسية الشمالية. وقد استغرقت هذه الرحلة قرابة أربعة أشهر، رفع الوفد بنهايتها تقارير وافية عن مشاهداته وانطباعاته، كانت موضع اهتمام بالغ من رئاسة الجامعة ورابطة العالم الإسلامي والوزارات المختصة بالمملكة، وكان من آثارها الطيبة أن رصدت حكومة المملكة مبالغ سخية، وأحدثت مبدئيا قرابة خمسين وظيفة لمدرسين ومرشدين يوفدون لبعض الأقطار الإفريقية ويرتب لهم نظام خاص يحصر نشاطهم ضمن حدود التنوير الديني المحض، ومن ثم تقرر إيفاد المؤلف في رحلة ثانية إلى تلك الأقطار لتعيين أماكن هؤلاء المدرسين والمرشدين وتأمين إقامتهم. وقد زود الوفد بمبالغ كريمة لتوزيعها على الهيئات والمؤسسات والدعاة هناك.. وفوض إليه تقديم منح دراسية واختيار الطلاب الصالحين لها. وقد بدأت هذه الرحلة الثانية بعد سنتين من تلك.. وتجاوزت المناطق الأولى إلى ملاوي وجوهانسبرغ - جنوب أفريقية - والكنغو كنشاسا.
ونظرة فاحصة إلى الفهرس الذي يستغرق ثلاث عشرة صفحة - توضح قيمة الكتاب، إذ يتعرف القارئ من خلال هذا الفهرس ميزة الشمول التي اتصفت بها هذه المذكرات، وأهمية الشؤون التي عالجتها أو عرضت لها. فكما عنيت بالمشاهدة العابرة - لطرافتها - عنيت بالأوضاع الاجتماعية والجوانب السياسية، والمظاهر الدينية، بما فيها من حقائق وما يعتريها من أوهام وخرافات.. فكان فيها ما يضحك ويعجب ويبكي.. وهنا يكمن السر الذي يشد القارئ إلى متابعة هذه اليوميات بشغف واهتمام.