قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن قال قائل: فما أحسن طريق التفسير؟ فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له.
وقد سلكت هذا الطريق متحرياً ما ثبت عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم القائل:"ألا إني أوتيت هذا الكتاب ومثله معه"(١) ، وقدمت ما اتفق عليه الشيخان في صحيحيهما، ثم ما انفرد به أحدهما ولا داعي لتخريج الحديث من مصادر أًخرى لأن هدفي من التخريج التوصل إلى صحة الحديث وكفى بإطباق الأمة على صحتهما.
قال الزركشي: لطالب التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة: الأول: النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطراز الأول ولكن يجب الحذر من الضعيف والموضوع فإنه كثير وإن سواد الأوراق سواد في القلب ... .
وقد استفدت من تحذير الزركشي، فتركت كل ضعيف وموضوع فإذا لم أجد الحديث في الصحيحين أو في أحدهما فألجأ إلى كتب التفسير وعلوم القرآن المسندة كفضائل القرآن وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ، وإلى كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمصنفات والجوامع وغيرها من كتب السيرة والتاريخ والعقيدة المسندة مبتدئا بالأعلى سندا أو بما حكم عليه الأئمة النقاد المعتمدين، وأقوم بتخريجه تخريجا يوصلني إلى صحة الإسناد أو حسنه مستأنسا بحكم النقاد الجهابذة، فإذا لم أجد حديثا مرفوعا فأرجع إلى أقوال الصحابة الذين شهدوا التنزيل. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم.