وروى الديلم الحميري أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشراب الذي يتخذونه بأرضهم فقال:"أيسكر؟ " فقال: نعم. قال:"فلا تشربه". قال: فإنهم لا يصبرون عنه، قال:"فإن لم يصبروا عنه فاقتلهم"(١) هـ
وروى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" كل مسكر حرام". والذي نفسي بيده لمن شرب مسكراً إن حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة" هـ
وروى طلق (٢) بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في المسكر: "لا يشربه رجل فيسقيه الله عز وجل الخمر يوم القيامة " (٣) هـ.
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من شرب مسكراً نجس، ونجست صلاته أربعين يوماً" (٤) .
فتواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بتحريم قليل المسكر وكثيره، وأنه خمر.
ثم روى قوم يستحلون بعض ما حرم الله عز وجل أحاديث لا أصول لها فمنها حديث رواه أبو الأحوص عن سماك (٥) عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة (٦) بن نيار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أشربوا الظروف ولا تسكروا" (٧) .
فتأولوا هذا الحديث على ما أحبوا فوافقوا أهل البدع في تأويلهم المتشابه وتركهم المحكم، قال الله عز وجل:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[آل عمران/٧] .
وهذا حديث له علل بينة، وقد طعن فيه أهل العلم قديماً فبلغني أن شعبة طعن فيه.
وسمعتُ أبا عبد الله يذكر هذا الحديث إنما رواه سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة (٨) عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نهيتكم عن ثلاث: عن الشرب في الأوعية، وعن زيارة القبور، وعن لحوم الأضاحي. فأما لحوم الأضاحي فكلوا وادخروا، وأما زيارة القبور فزوروها، وأشربوا في الأوعية ولا تشربوا مسكراً" (٩) .