للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن مراد ابن مسعود أن اليقين هو أصل الإيمان، فإذا أيقن القلب- كما ينبغي- انبعثت الجوارح كلها للقاء الله بالأعمال الصالحات. حتى قال سفيان الثوري: "لو أن اليقين وقع في القلب- كما ينبغي- لطار اشتياقاً إلى الجنة وهرباً من النار".

إذا عرفنا ما ذكر اتضح أهمية اليقين بالشهادة وأنه فضلاً عن كونه شرطاً لتحققها وفارقاً بين المؤمن والمنافق وشرطاً للمغفرة ودخول الجنة.

أنه أصل الإيمان- كما قال ابن حجر.

أما القول بأن التلفظ بالشهادتين بدون استيقان القلب كافٍ في الإِيمان فهو مذهب غلاة المرجئة- والآيات والأحاديث الآنف ذكرها كلها تدل على فساده بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها، ولأنه يلزم منه تسويق النفاق والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح وهو باطل قطعاً (١) . والله أعلم.

الشرط الثالث: الإخلاص.

الإخلاص: لغة: مصدر أخلص يخلص. وهو يرد لمعانٍ. منها: تنقية الشيء وتهذيبه. تقول: أخلصت السمن: أي جعلته خالصاً. وأخلص لله دينه: أمحضه وترك الرياء فيه. فهو عبد مخلص. وأخلص الشيء: اختاره.

وقرئ: {إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (٢) بكسر اللام وفتحها- قال ثعلب: يعني بالمخلِصين: الذين أخلصوا العبادة لله تعالى، وبالمخلَصين: الذين أخلصهم الله عز وجل.

وقال الزجاج في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً ... } الآية وقرئ: مخلِصاً. والمخلَص: الذي جعله الله مختاراً خالصاً من الدنس. والمخلِص: الذي وحد الله تعالى خاصاً. ولذلك قيل لسورة قل هو الله أحد سورة الإخلاص. قال ابن الأثير: سميت بذلك لأنها خالصة في صفة الله تعالى وتقدس. أو لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل. وسميت كذلك- لا إله إلا الله- كلمة الإخلاص لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل.

وحقيقة الإخلاص: هو تصفية العمل لله بالتبري من دونه.