للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق".

المبحث الثالث

محل صلاة التوبة

اختلف أهل العلم في صلاة التوبة هل تؤدى قبل التوبة أو بعدها، على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

أن المشروع أن يصلي قبل التوبة، لا بعدها، لحديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه-.

القول الثاني:

أنها تصلى بعد التوبة.

القول الثالث:

أنها تصلى قبل التوبة أو بعدها، فإن شاء صلاها قبل التوبة وإن شاء صلاها بعدها.

الترجيح:

والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول، لقوة دليله، ولأن القولين الآخرين لا يعضدهما دليل من كتاب ولا سنة، فحديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه- صريح في أن هذه الصلاة تؤدى قبل التوبة، لا بعدها، حيث ذكرت فيه الصلاة ثم عطف عليها الاستغفار، الذي هو توبة، أو جزء من التوبة بحرف "ثم "الذي يدل على الترتيب.

هذا كله فيما يتعلق بالتوبة باللسان، وهي المرادة هنا عند الإطلاق، والتي هي مناجاة العبد ربه بإعلان الندم على فعل المعصية، والعزم على عدم العودة إليها، وطلب مغفرة الذنب الذي ارتكبه. أما الندم بالقلب والذي هو في حد ذاته توبة، أو ركنها الأعظم، لحديث: "الندم توبة"، فإنه يكون قبل الصلاة وبعدها، لأن المسلم لن يعزم على صلاة التوبة إلا وقد ندم قلبه على فعل المعصية، وعزم على الإقلاع عنها، ولا يعتبر استغفاره بعد هذه الصلاة توبة إلا إذا صحبه ندم القلب، وإلا كانت توبته غير صادقة.

المبحث الرابع

صفة صلاة التوبة