ولد المصنّف- ابن العماد الحنبلي- بمدينة دمشق، يوم الأربعاء، الثامن من شهر رجب سنة اثنتين وثلاثين وألف من الهجرة النبوية [٣] .
وكانت دمشق- إذ ذاك- تزخر بأفذاد العلماء، وكبار المشايخ، الذين كان لهم نشاطٌ كبيرٌ في نشر العلوم والمعارف، وذلك بإقامة الحلقات الدراسية في المساجد، والمدارس التي انتشرت بكثرة في تلك الفترة.
فنشأ المصنف وترعرع بها، وأولع بطلب العلم منذ صغره، فابتدأ بحفظ القرآن الكريم، ثم شمَّر عن ساعد الجد والاجتهاد، وانخرط في تلك المدارس، فلازم كبار علماء دمشق واستفاد منهم، وقرأ عليهم الفقه وغيره [٤] . ولمَّا نبغ وارتوى عُودُه، أجازه كبار علماء دمشق، ثم واصل مسيرته العلمية، فرحل إلى القاهرة [٥] ، وأقام بها، وأخذ عن أبرز مشايخها، ولما رأى في نفسه القدرة على الجلوس مجالس العلماء، وإمكان بثه للعلم ونشره له، بدأ في ذلك، فأنشأ لنفسه حلقاتٍ علميةً دَرَّسَ فيها أنواع العلوم من فقه، ونحو، وصرف، وغير ذلك، فعمد إليه الطلبة من كل مكان، ولازموه واستفادوا منه، وكان لا يمل ولا يفتر من المذاكرة والاشتغال بالتدريس والتعليم.
وبالإِضافة إلى انشغاله بالتدريس، كان يقوم بنسخِ الكثير من الكتب العلمية المفيدة بخطه، الذي وصفه معاصروه بأنه كان خطاً جميلاً بديعاً.
يقول عنه تلميذه المحبي:[٦]
"وكتب الكثير بخطه الحسن المضبوط، وكان خطّه حسناً بيّن الضبط حلو الأسلوب".
وكان المصنف- أيضاً - من الأدباء البارزين في ذلك الوقت، وكان يميل إلى نظم الشعر، ونسب إليه بعض الأبيات [٧] .