ووجه الجمع بينهما ما ذكره الخطابي وغيره وهو أن أحاديث رافع وجابر، وثابت مجملة تفسرها الأخبار التي وردت عن رافع نفسه، وعن غيره، فإن رافعا قد فسر حديثه في بعض طرقه بما لا يختلف في فساده فيحمل النهي المطلق على ذلك المقيد فمن ذلك قول رافع:"كنا أكثر الأنصار حقلا فكنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك". أخرجه البخاري ومسلم من طرق [وقال جابر- رضي الله عنه -: "كنا نأخذ الأرض بالثلث والربع والماذيانات"رواه مسلم] .
وعن حنظلة ابن قيس الأنصاري قال:"سألت رافعا عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال: "لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون (١) على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بما على (الماذيانات وأقبال)(٢) الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا ويهلك هذا ولم يكن للناس (كراء إلا هذا) فلذلك زجر عنه فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس (به)" رواه مسلم وأبو داود.
وعن رافع عن عمه ظهير قال سألني يعني النبي - صلى الله عليه وسلم – "كيف تصنعون بمحاقلكم؟ " قلت: "نؤاجرها يا رسول الله على الربيع" وفي رواية "على الربع والأوسق من التمر، أو الشعير"قال: "فلا تفعلوا ازرعوها أو أزْرِعوها (٣) أو أمسكوا أرضكم"رواه البخاري ومسلم. قال الخطابي- بعد إيراده حديث حنظلة بن قيس-: "فقد أعلمك رافع نفسه في هذا الحديث أن المنهي عنه هو المجهول منه دون المعلوم وأنه كان من عادتهم أن يشترطوا شروطاً فاسدة ويستثنوا من الزرع ما على السواقي والجداول فيكون خاصا بالمالك وقد يسلم ما على السواقي، ويهلك ساير الزرع فيبقى المزارع لاشيء له وهذا غرر، وخطر كما إذا اشترط رب المال على المضارب دراهم معلومة زيادة على حصته الربح المعلومة فهذا، وذاك سواء"قال: "وأصل المضاربة من السنة المزارعة، والمساقات فكيف يصح الفرع ويبطل الأصل".