إلى أن قال:"فمن المحال أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع كل قائل من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وفيهم من يحلل الشيء وغيره يحرمه ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالاً اقتداء بسمرة بن جندب رضي الله عنه، ولكان أكل البرد للصائم حلالاً بأبي طلحة وحراماً بغير منهم، ولكان ترك الغسل من الإكسال جائزاً اقتداء بعلي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبي بن كعب وحراماً اقتداء بعائشة وابن عمر ولكان بيع التمر قبل ظهور الطيب فيها حلالاً اقتداء بعمر حراماً اقتداء بغيره منهم، ثم استطرد ابن حزم في ضرب الأمثلة، وقال: وكل هذا مروي عندنا بالأسانيد الصحيحة تركناها خوف التطويل وقد كان الصحابة يقولون بآرائهم في عصره عليه الصلاة والسلام فيبلغه ذلك فيصوب المصيب ويخطئ المخطئ، فذلك بعد موته عليه السلام أفشى وأكره."اهـ ملخصاً من كلام ابن حزم رحمه الله ومن أراد التفصيل فعليه بالكتاب المشار إليه.
بعد هذا ليس على الباحث المنصف وطالب الحق إذا قال بعد اطلاعه على هذه الأحاديث الموضوعة المكذوبة ليس عليه شيء إذا قال: لا يصح في هذا الباب حديث واحد بهذه الروايات، وبهذا نتبين أن الله حفظ هذه الشريعة الغراء من كيد الدساسين الوضاعين والكذابين الآثمين، وإن الله قيض لهذا الدين جهابذة يدافعون في سبيله وينافحون عما علق به من الكذب والأباطيل {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} .