للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن قليلاً من أهل الاختصاص في التاريخ بل كثير من القراء يعرفونه مؤرخاً ومن ثم كانت مؤلفاته التاريخية المبكرة والثقة في مؤلفها وقيمة المنهج الذي اتبعه منها مصدراً مهماً لبعض المصادر التاريخية المشهورة كالبلاذري والطبري والخطيب البغدادي.

وإذا كان بعضهم سبق ابن أبي شيبة بذكر روايات تلك الحوادث أو أنها جاءت في مصادر أخرى فإن سبقه بها الكثيرين أيضاً، والثقة فيه تحتم الإفادة الكبيرة من مروياته فيها.

ولذا فإن عرض كثير من المرويات والأخبار الواردة في المصادر الأخرى على ما أورد ابن أبي شيبة، كل في موضوعه ومقارنتها سيثري الدراسة التاريخية في مجالاتها لا من حيث القيمة المصدرية لمادتها فحسب وإنما من حيث المضمون والنتائج لها.

وعند مقارنة أهميتها التاريخية نجد أن حجم مادة الغزوات عنده يوازي تقريباً ما ورد عنها عند ابن سعد على الرغم من أن هناك غزوات لم يرو فيها ابن أبي شيبة شيئاً.

فإذا أدركنا اختلافه في طرق الإِسناد والمتن في كثير من المواضيع التاريخية عنِ الآخرين ولا سيما المؤرخين فإن ذلك يثرى البحث فيها، ويتيح مجالا واسعاً للمقارنة بينهما.

ورغم شهرته عند المؤرخين الأوائل واعتمادهم عليه فإنه لم يحظ بالاهتمام المرجعي في الدراسات التاريخية الحديثة.

ولهذا جاءت هذه الدر اسه في محاولة للفت أنظار الباحثين المحدثين في التاريخ إلى أهمية مؤلفات ابن أبي شيبة التاريخية وضرورة تأسيهم بأسلافهم الذين أدركوا تلك الأهمية والمنزلة السامية لمؤلفها في الاعتماد عليها في كثير من فروع التاريخ وأبواب التأليف فيه.

ابن أبي شيبة:

هو أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي، ولد بالكوفة سنه ١٥٩ هـ (١) ونشأ وتعلم بها، ثم رحل إلى البصرة وبغداد ومكة والمدينة. وكان من بيت علم اشتهر منه أخواه عثمان والقاسم وابنه إبراهيم بن أبي بكر وابن أخيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة.