أني رأيت اختلاف الآراء في التأويل من عدم التزام رباط الآيات، فإنه لو ظهر النظام واستبان لنا عمود الكلام، لجمعنا تحت راية واحدة وكلمة سواء {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} وجعلنا معتصمين بحبل كتابه، كما قال:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} وكيف الخلاص عن التفرق الأصلي، وقد جعلوا هذا الحبل أشتاتاً في ظنونهم وهو بحمد الله متين {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} فيؤوله كل فريق حسب ظنه، ويحرف طريق الكلام عن متنه وبالنظام يتبين سمت الكلام، فينفي عن آيات الله أهواء المبتدعين وانتحال المبطلين وزيغ المنحرفين, الذين يحرفون الكلم عن مواضعه, والذين يقطعون كلام الله عما بين يديه ومن خلفه ويضمون إليه ما يعجب هوى نفوسهم.
والثاني:
أني رأيت الملحدين قد طعنوا في القرآن من جهة سوء النظم ورأيت جمهور علماء المسلمين - عوض الشهادة بالحق والمنافحة عن حقيقة كتاب الله - قد تفوهوا بمثل ما قالوا {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} وقد علمت حق اليقين أن قولهم باطل وحجتهم داحضة فلم يسعني أن أسكت وأرى الباطل قد عمت بلواه وبلغ السيل زباه.