وقوله (الأبواب) : مفعول (يحز) جمع باب، وباب الشيء ما يدخل منه، والسبل جمع سبيل بمعنى الطريق يذكّر كلّ منهما ويؤنّث، والمراد بالأبواب والسبل قواعد اللغة؛ لأنه يتوصل بما ذكر إلى معرفة الجزئيات كما سيقول الناظم، والمعنى أن من أتقن علم التصريف حاز الطرق الموصلة إلى فهم اللغة.
واعلم أن الناس في ذلك ثلاثةُ أصناف: صنف عرف الأبنية والأوزان كأن يعلم مثلاً أن مضارع فَعُلَ المضموم مضموم ككَرُمَ يكْرمُ، وأَن قياس اسم الفاعل منه على فَعلٍ وفَعِيلٍ كسهْلِ وظَرِيْفٍ [//٧/أ] وقياس مصدره الفَعَالَةُ والفُعُوْلَةُ كالشَّجَاعَةِ والسُّهُوْلَةِ فهذا تصريفي فقط إلا أنه مفتقر إلى علم اللغة الفارق له بالنقل عنهم بين فَعُلَ بالضم وفَعِلَ بالكسر وفَعَلَ بالفتح، وصنف ثانٍ أَشرف على مواد اللغة بالنقل والمطالعة، ولا يعرف الموازين والأقيسة التي يُردّ بها كل نوع إلى نوعه فهذا لغوي فقط لم يذق حلاوة علم اللغة، وصنف ثالث عرف الموازين والأقيسة أوّلاً، ثم تتبَّع موادَّ اللغة نقلاً فهذا هو المتقن الذي أحكم علم التصريف وحاز سبل اللغة وهو مراد الناظم رحمه الله.
ثم لمّا قويت داعية السامع وتوفرت رغبته قال من لي بذاك فقال:
(فَهَاكَ)(١)
(ها) : اسم فعل أمر بمعنى خذ، والكاف حرف خطاب تتصرف تصرّف الكاف الاسمية فيقال هاكَ بالفتح للمذكر وبكسرها للمؤنث، وهاكما للمثنى، وهاكم وهاكنَّ، وقد تبدل همزة فتتصرف تصرفها فيقال هاء بالفتح للمذكر وبالكسر للمؤنث وهاؤما وهاؤم وهاؤنّ، وعلى هذه اللغة جاء قوله تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَأُوا كِتَابِيَهْ}(٢) أي هاكم.