ومهما يكن من أمر فإنَّ ثمة ما يشبه الإِجماع على أنَّ ظهور اللحن وتفشيه في الكلام وزحفه إلى القرآن والحديث هو الباعث الأول على تدوين اللُّغة. واستنباط النَّحو، لأنَّ علم العربيَّة ككل العلوم في نشأتها تتطلبه الحوادث وتقتضيه الحاجات.
ولهذا قال الدُّكتور محمد خير الحلواني:"والحقّ أنَّ نشأة النَّحو ترتبط بجذور الحياة الإسلاميَّة في ذلك الزَّمن".
وقال الدُّكتور أحمد إبراهيم سيد أحمد:"لو أنَّ منصفاً تتبع أصول النّحو الأولى لوجد أنّها نبتت في المدينة وظلت تنمو شيئا فشيئاً".
وتلك نتيجة حتمية؛لأنَّ ضوابط اللُّغة وقوانين الإعراب هي العاصمة من الزَّلل، والمُعَوِّضة عن السَّليقة بعد أن شاع اللحن واضطربت الألسن، وتأثر العرب بالعجم في المدينة أولا، ثم في باقي الأمصار الإسلاميَّة ثانياً.
ثانياً: حماية القرآن من اللَّحن
أخذ اللَّحن يتهدَّد النَّص القرآني ويزحف إليه منذ أن ذرَّ بقرنه في المدينة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الَّذي كان يختار أن يسقط في قراءته القرآن على أن يقع في اللحن كما تقدَّم.
والخطأ في القرآن عند عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - خير من اللَّحن، يقول:"لأنِّي إذا أخطأت رجعت، وإذا لحنت افتريت".
وهذا دليل واضح على وقوع اللحن في القرآن من بعض المسلمين، وبخاصة العوامّ.