وروى القفطي أن أبا الأسود أتى عبد الله بن عباس فقال:"إني أرى ألسنة العرب قد فسدت، فأردت أن أضع شيئا لهم يقوِّمون به ألسنتهم قال: لعلك تريد النحو، أما إنه حق".
فإن صحّ ما ورد في هذه الروايات فإنّ مصطلح النحو قديم تعود جذوره الأولى إلى علماء المدينة، تم تطور مع الأيام، ولكن ثمة من يشك فيما جاء في هذه الروايات، ويرى أن ذلك من تفسير الرواة وتزيدهم "لأن المصطلح اللغوي لا يسلك سبيله إلى الأذهان بهذه الطريقة، بل يكون له أساس من الاستخدام، ثم يتطور معناه ويطلق على شيء ما".
٤- اللحن:
للحن معان عدة في اللغة ذكرها أصحاب المعاجم، وهو من المصطلحات التي أطلقت قديماً على علم النحو، ولكنه لم يشع في الاستعمال، فمن ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في حديث له في النافع من العلوم، قال:"تعلموا الفرائض والسنة واللحن، كما تتعلمون القرآن".
وحدّث يزيد بن هارون بهذا الأثر فقيل له: ما اللحن؟ فقال: النحو.
ثم شاع على ألسنة الناس في الصدر الأول من الإسلام في المدينة وغيرها استخدام اللحن بمعنى الخطأ، وهو من معانيه اللغوية، "وأغلب الظن أنه استعمل لأول مرة بهذا المعنى عندما تنبه العرب بعد اختلاطهم بالأعاجم إلى فرق ما بين التعبير الصحيح والتعبير الملحون".
ومن أقدم النصوص التي ورد فيها اللحن بمعنى الخطأ في الكلام ما نسب إلى عبد الملك بن مروان (٨٦ هـ) وهو قوله: "الإعراب جمال للوضيع، واللحن هجنة على الشريف".
وقيل له يوماً:"أسرع إليك الشيب قال: شيبني صعود المنابر والخوف من اللحن".
وقد ورد هذا المعنى في بيت للحكم بن عبدل الأسدى يهجو به حاجب عبد الملك بن بشير بن مروان والي البصرة (١٠٣ هـ) ليحمل الأمير على إقالته: