ويستدل أصحاب هذا المذهب من علماء العرب بقوله تعالى:{وعَلَّم آدمَ الأسْمَاءَ كُلَّها، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِْ}(١) فكان ابن عباس يقول فيما رواه عنه ابن جرير الطبري: "علم الله آدم الأسماء كلها، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها".
وقد اختار جماعة من علماء العربية هذا المذهب، واستدلوا بما استدلّ به ابن عباس، ومن هؤلاء أبو عليّ الفارسي وابن فارس.
٢- الاشتقاق:
يعد الاشتقاق في العربية من أبرز سماتها، وقد مكنها من التوليد والتوسع في الألفاظ حتى غدت العربية من أغنى اللغات في الألفاظ.
ولابن عباس رأي في اشتقاق بعض الكلمات، لقد أورد السيوطي عن ابن عباس:"أنه دخل على معاوية، وعنده عمرو بن العاص، فقال عمرو: إن قريشاً تزعم أنك أعلمها؛ فلم سميت قريش قريشا؟ قال:[ابن عباس] : بأمر بيّن، فسره لنا. ففسره، قال: هل قال أحد فيه شعراً؟ قال: نعم سمّيت قريش بدابة في البحر. وقد قال المشمرج بن عمرو الحميري:
وقريش هي التي تسكن البحر
بها سميت قريش قريشا
تأكل الغثّ والسمين ولا
تترك فيه لذي الجناحين ريشا
هكذا في البلاد حي قريش
يأكلون البلاد أكلا كميشا
ولهم آخر الزمان نبيّ
يكثر القتل فيهم والخموشا
تملأ الأرضَ خيلهُ ورجالٌ
يحشرون المَطيّ حشراً كشيشا
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أبي ريحانة العامري قال: قال معاوية لابن عباس: لم سميت قريش قريشاً؟ قال: بدابة تكون في البحر من أعظم دوابه، يقال لها القرِش، لا تمر بشيء من الغث والسمين إلا أكلته، قال: فأنشدني في ذلك شيئاَ، فأنشده شعر الحميري، فذكر الأبيات".
وقيل: سميت بذلك لتقرّشها، أي: تجمّعها إلى مكة من حواليها بعد تفرقها في البلاد حين غلب عليها قصيّ بن كلاب، وقيل سميت بذلك لتَجْرها وتكسبها وضربها في البلاد ابتغاء الرزق.