فالأبوان هما المسؤولان في الدرجة الأولى عن انحراف أبنائهم خلقياً واجتماعياً وعقدياً، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء"(١) وفي هذا دلالة واضحة على أن المولود يولد على فطرة الإِسلام، لكن تأثير الأبوين وأسلوب تربيتهما هما اللذان يوجهان عقيدة هذا الطفل نحو اليهودية أو النصرانية أو غيرهما. ومن هنا كانت مهمة الأبوين في التربية من الأهمية بمكان فالطفل يحاكي أبويه في جميع سلوكهما ومعتقداتهما وأخلاقهما.
فأول واجب يجب على الأبوين القيام به والاهتمام بأمره دون كلل، هو غرس عقيدة التوحيد في نفس الطفل وتوجيه عواطفه نحو حب الله ورسوله وإخباره بأن الله يجب أن يكون أحب إليه من أمه وأبيه ونفسه، والإِيمان بالله الذي لا إله غيره وبملائكته ورسله، وتوحيد الله في الألوهية والربوبية والقوامة والسلطان والحاكمية لأن الإيمان بالله هو الموجه لسلوك الإنسان والدافع له إلى اتجاه الخير، والنصير له من حيث العناية والرعاية والتوفيق، كما أنه الذي يصرفه عن طريق الشر ويجعله متحلياً بالفضائل وحسن الخلق والمقصود بالإيمان أي الإِيمان بما أوجب الله تعالى في قوله:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه}(٢) . وكذلك قوله تعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}(٣) .