وبما أن العمل في المدينة وفي المسجد النبوي ومن الإمام الراتب له أهميته وقيمته في العالم الإسلامي كله. وقديماً كان علماء أهل المدينة حجة عند إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله بناء على أنهم توارثوه عن السلف وأنها منبع السنة.
وهكذا اليوم منزلة المدينة في نفوس المسلمين وقداستها في قلوبهم وإمامتها في أنظارهم فهي دار الهجرة وموطن التشريع.
وعمل الختم في نهاية التراويح والتهجد في رمضان بالمسجد النبوي في هذه الآونة طبقت أخباره الآفاق والأمصار، ويفد لحضوره عدد من جميع الأقطار، فلا بد وأن يكون موضع تساؤل عن أصل مشروعيته ولا سيما من الذين يتطلعون إلى أدلة كل عمل، وقد تساءل عبد الله بن أحمد بن حنبل مع أبيه حين سمعه يذكر عمل الختم فقال له: إلى أين تذهب في ذلك، أي ما هو دليلك فيه؟ فأجابه بما عنده فيه وسيأتي قريباً إن شاء الله.
وقبل كتابة هذه الرسالة تساءل معي أحد الإخوان الذين لهم غيرة على السنة وشدة على البدعة وشبهته في ذلك من جهتين:
الجهة الأولى:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل التراويح كاملة في رمضان، ولم يقرأ القرآن كله في تراويح ولا في تهجد، وعليه فلم يدع بهذا الدعاء ولا محل له عنده؛ لأنه لم يوقع الختم الذي يدعو بعده فمن أين إذاً أصل المشروعية؟.
والجهة الثانية:
إن الناس في حالة سماع التلاوة طيلة الشهر يكونون في هدوء تام وحسن إصغاء وصمت، وعند دعاء الختم تعتريهم حالات الضراعة والبكاء والابتهال ويقول: إن الدعاء لا يكون أعظم تأثيراً من كلام الله تعالى.
هكذا أورد لي وجهة نظره وربما كان لا يحضر ولا يشارك في هذا العمل فكان من المستحسن إيراد الجواب على وجهة النظر تلك وعرض ما أقف عليه من الأدلة عن السلف رحمهم الله سواء المرفوع منها أو الموقوف العام فيها أو الخاص مما تستأنس له النفس ويطمئن إليه القلب إن شاء الله.