مرَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه على صبية يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير فهربوا منه إلا عبد الله، فقال له عمر رضي الله عنه: ما لك؟ لِمَ لا تهرب مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم أكن على ريبة فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقاً فأوسع لك. فمن أين جاءت هذه الفطنة وتلك الكياسة في السلوك؟ لاشك أن جواب ذلك الطفل إنما هو ثمرة يانعة من ثمار التربية النفسية الإسلامية التي لا تعرف الخضوع ولا الذل ولا الخوف والفزع ... سياسة تقوم على تقوية الثقة بالله والاسترسال معه على الدوام.
وتبدأ التربية النفسية من قول الله عزوجل على لسان عبده لقمان في وعظه لابنه:
{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .
تبدأ التربية الإسلامية من نزع الشرك الظاهر والخفي من النفوس فتتخلى بذلك من الظلم والرياء والفسوق والعصيان، ثم تستعد النفس بعد سلب كل شرك عن النفس بملء القلب بدين التوحيد الخالص، والتوحيد سلب وإيجاب، سلب كل ماعدا الله، وإيجاب للألوهية المنزهة عن كل شرك. وللإيمان الكامل بأركانه الستة آثار تربوية عظيمة في حياة الفرد والمجتمع، فالإِيمان هو الذي يهيأ النفس الإِنسانية دائماً للرضا والأمن وللعمل الجاد المثمر، كما يضفي على النفس المؤمنة رضا يغمرها فلا يستطيع شيء مهما عظم أن يسخطها، فيحصل لها بذلك الطمأنينة والراحة النفسية.