وبهذا يربي لقمان في ابنه قاعدة أساسية من قواعد العقيدة الإسلامية الصحيحة بأن الله عزوجل صاحب السلطان والقدرة ومالك الأمر كله فعندما تترسخ العقيدة السابقة في النفس، فإن الطمأنينة تشيع فيها كما أن حياة الناس تتسم بالرضا والتسليم.
فالقلق والاضطراب وسائر الأمراض النفسية المعاصرة التي يشكوا منها الناس اليوم مردها إلى عدم رضا النفس بما يحصل لها هذا من جهة، ومن جهة أخرى ناشئ هذا من عدم الإيمان بالقدر.
إن القاعدة السابقة التي أصلها لقمان في ابنه أن الأهمية بمكان إذا ما تربت النفوس عليها، ولهذا يجب على الآباء والمربين أن يغرسوا في أبنائها وتلاميذهم مراقبة الله عز وجل في قلوبهم، لما في ذلك من ثمرات تربوية لا تخفى على العاقل، فمراقبة الله عز وجل هي التي تعمل على قامع الشهوات، وتحث على الطاعات، ويذل القلب ويستكين، ويفارقه الكبر والحقد والحسد، فمتى استشعر النشئ روح هذه المراقبة انكف وانزجر عن المعاصي والنواهي، فجعل تقوى الله عزوجل سترا ومانعاً له من الوقوع في المهلكات، وهي أيضاً تعمل على تحريره من الخوف من أحد غير الله عزوجل، وتحرره أيضا من القلق والضجر والاضطراب، فالكون كله لله والأعمار والأرزاق بيد الله عز وجل وقد بين لنا الرسول هذه الحقيقة بأسلوب تطبيقي عملي عندما وجه ابن عباس رضي الله عنهما بقوله عليه الصلاة والسلام "يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف"(١) .
يترتب على ما ذكر ما يلي.
١- إيجاد جيل قوي يخلص العبودية الكاملة لله عز وجل وحده.
٢- العمل الجاد المثمر، والإخلاص لله عز وجل في أعمالهم، كل بحسب عمله، ومجال تخصصه.