ومهما يكن من أمر فإن مجامع اللغة - في الجملة - تنظر إلى تراث العربية القديم بما فيه من حوشي ومهجور وممات نظرة احترام وتقدير، وتدعو إلى استثمار ذلك الرصيد الوافر لتنمية اللغة والاستعانة به في المصطلحات شريطة أن يعالج من قبل لغويين متخصصين، لا يتقيدون بالمعنى القديم لتلك الألفاظ، فقد يعمدون إلى نزع دلالي كامل يطبق على بعض تلك الألفاظ المماتة مثلما فعل العلماء الأوربيون الذين هجموا على الممات في اللاتينية واشتقوا منه كثيراً من مصطلحاتهم [٣٧] بعد تحوير المعنى اللغوي القديم، وتضمينها المعنى العلمي الجديد.
ويبدو هذا الرجوع إلى القديم واضحاً عند محمود تيمور الذي استعلمه كثيراً في (معجم الحضارة) الذي تتميز مصطلحاته بقدمها ومحافظتها [٣٨] .
ومن المصطلحات القديمة أو المهجورة أو المماتة التي أحياها بعض المعاصرين ووضعها لما يقابلها من المصطلحات الأجنبية:"زُلَّخة"[٣٩] للتعبير عن (LUMBAGO) أحياها عبد الفتاح الصعيدي في بحثه (مصطلحات العلوم)[٤٠] .
ومما أحياه بعض العلماء:(الوشيعة)[٤١] لـ: (LE GRILLAGE)
و (المَثْعَب)[٤٢] لـ: (LE SIPHON)
و (السَّحْسَاح)[٤٣] لـ: (LA DOUCHE)
و (الشِّمْراخ)[٤٤] لـ: PETITE LISTE) (
و (الصَّفْنة) [٤٥] لـ: (LA TROUSSE)
و (المَثْبَنَة)[٤٦] لـ: (LE SACA)
وفي غير المصطلحات تدعو مجامع اللغة الأدباء والكتاب والعلماء للعناية بالمفردات المهجورة وإحيائها في كتاباتهم، لأن الكلمة التي تنقرض من لغة المحادثة تأوي إلى ركن شديد في ميادين الشعر أو الأمثال أو الآداب أو الفنون، فتتوطد لها فيه أسباب المنعة والبقاء [٤٧] ، وتعود إلى الاستعمال عند الحاجة، وفي هذا يقول الدكتور علي عبد الواحد وافي: (أما نشأة كلمات في اللغة فتدعو إليها - في الغالب - مقتضيات الحاجة إلى تسمية مستحدث جديد مادّي أو معنوي ...