(هـ) الحكم القاطع بموت الألفاظ يقتضي الإطلاع على اللغة كاملة، وهذا من المحال، ولذا يجب الحذر وعدم القطع بالأحكام في الممات، ويحسن الاستئناس بأقوال علماء العربية المتقدمين وإشاراتهم في هذا الموضوع؛ لأنهم أقرب عهداً بمنابع اللغة وأصولها، وأكثر إحاطة بكلام العرب.
ويمكن - أيضاً - الاستعانة بمقاييس اللغة، فيقال مثلاً: إن للفعل الملازم للبناء للمجهول فعلاً مبنياً للمعلوم مماتاً، وإن للاسم الملازم للتصغير مكبراً مماتاً، وإن للجمع الذي لا واحد له مفرداً مماتاً؛ لأن المبني للمجهول والمصغر والجمع فروع، والمبني للمعلوم والمكبرّ والمفرد أصول؛ ووجود الفرع في الاستعمال يدلّ على استعمال قديم للأصل.
أما المفرد الذي لا جمع له من لفظه فإنه لا يتعيّن القول بأنّ له جمعاً مماتاً؛ لأن وجود الأصل دون الفرع لا يقتضي ذلك؛ أي: لا يقتضي ظهور الفرع، فيجوز أن يكون الفرع مما لم يستعمل أصلاً، أي أن يكون مهملاً، والمهمل غير الممات.
ومن أظهر الأدلة على هذا المقياس الفعلُ المضارع، فإن ظهوره في الاستعمال دون الماضي يقتضي القول بأن الماضي ممات، ومن هنا حكم علماء اللغة بإماتة الفعلين (وَذَرَ) و (وَدَعَ) استدلالاً بمضارعيهما: (يَذَرُ) و (يَدَعُ) .
وإن ظهر الماضي في الاستعمال دون المضارع والأمر تعيّن التوقّف في الحكم؛ لأنه لا يستدلّ بالأصل على إماتة الفرع.
(و) جاء الممات في العربية في الأسماء، وجاء في الأفعال - أيضاً. ولم أجد شيئاً منه في الحروف.
ففي الأسماء جاء في: أسماء الأيام، وأسماء الشهور، ومفرد بعض المثنيات أو الجموع، ومكبّر بعض الأسماء المصغرة، وأسماء متفرقة زالت بزوال معانيها.
وفي الأفعال جاء في أفعال أميتت صيغها وتصريفاتها بالكامل، وأفعال أميت المجرد منها دون المزيد، وأفعال أميتت بعض تصريفاتها، وأفعال مبنية للمجهول أميت المبني للمعلوم منها.