الرابع: ألاّ يتقدم الخبر على اسم الإشارة فلا يصح أن يقال شقيّاً هذا الصياد لما في عموم قول ثعلب السابق "فلا يكون قبله شيء"؛ ولأن من قواعد الكوفيين عدم جواز تقدم الحال على عاملها، إن كان صاحبها اسماً ظاهراً؛ لأنه يؤدّي إلى تقدم المضمر على المظهر بسبب العائد، ويجيزون تقدمها إن كان صاحبها ضميراً، وهذه من مسائل الخلاف التي ناقشها ابن الأنباري [٢٠] .
والعلة التي فرّوا منها هناك متحققة هنا وهي تقدم المضمر على المظهر.
المبحث الثالث: التقريب وضمير الفصل
الكوفيون يمنعون الجمع بين التقريب وضمير الفصل فلا يصحّ عندهم أن يقال: هذا هو زيدٌ قائماً بنصب قائماً وإنما يقال هذا هو زيدٌ قائمٌ بالرفع، قال ثعلب:"إلا أنه لا يدخل العماد مع التقريب من قبل أن العماد جواب والتقريب جواب فلا يجتمعان"[٢١] وقال أيضاً: "وقال أبو العباس قال سيبويه احتبى ابن جويّة في اللحن في قوله: {هُنَّ أطْهَرَ لَكُمْ} لأنه يذهب إلى أنه حالٌ قال والحال لا يدخل عليه العماد، وذهب أهل الكوفة الكسائي والفراء إلى أنّ العماد لايدخل مع هذا لأنه تقريب، وهم يسمُّون هذا زيد القائم تقريباً أي قرب الفعل به"[٢٢] .
ويشكل على المذهبين معاً قوله تعالى:{هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أطْهَرَ لَكُمْ}[٢٣] بنصب أطهرَ فالكوفيون لا يقولون بالتقريب مع وجود ضمير الفصل، أما البصريون فقد حكموا على قراءة النصب باللحن [٢٤] قال سيبويه: "وكان الخليل يقول: والله إنه لعظيم جعلهم هو فصلاً في المعرفة وتصييرهم إيّاها بمنزلة (ما) إذا كانت ما لغواً؛ لأن هو بمنزلة أبوه ولكنهم جعلوها في ذلك الموضع لغواً كما جعلوا ما في بعض المواضع بمنزلة ليس، وإنما قياسها أن تكون بمنزلة كأنما وإنما"[٢٥] .