لم يتعرض الكوفيون لهذه المسألة لا بإثبات ولا بنفي، وإن كنت أرى الجواز إذ ما المانع من ذلك ويجعل منه قوله تعالى:{هَذا كِتابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ}[٣٣] بجعل جملة (ينطق) هي خبر التقريب، والمعربون للقرآن أجازوا فيها أن تكون حالاً، وأن تكون خبراً لاسم الإشارة و (كتابنا) بدل أو عطف بيان، أوجملة (ينطق) خبر ثانٍ، والجار والمجرور (بالحق) حال، وجعلوا العامل في الحال اسم الإشارة قال المنتجب:"وقوله: {هَذا كِتَابُنَا يَنْطِقُ} هذا مبتدأ، وكتابنا خبره، وينطق يجوز أن يكون خبراً بعد خبر، وأن يكون هو الخبر، وكتابنا بدل من هذا أو عطف بيان له، وأن يكون في موضع الحال من الكتاب والعامل في (هذا) معنى الفعل"[٣٤] .
فبما أنه جاز في جملة (ينطق) أن تكون حالاً على مذهب البصريين، والعامل في الحال حينئذٍ اسم الإشارة، فما المانع أن تكون على مذهب الكوفيين خبراً للتقريب ولاسيما أن شروط التقريب عندهم منطبقة هنا إذ الكتاب لا ثاني له في الوجود، وهو معرفة بإضافته إلى الضمير، والمراد هنا - والله أعلم - إعلام الأمم بأن كتاب الله شاهد عليها وليس المراد إعلامهم بأن هذا هو كتاب الله لأنهم كانوا يجهلون ذلك، فشروط التقريب هنا متحققة، فما المانع من جعله خبراً للتقريب، ومن ثَمّ القول بصحة أن يكون خبر التقريب جملة.