والعامل في الحال عند البصريين في قولك هذا زيد منطلقاً ما في اسم الإشارة من معنى فعل سواء أُعْمِلَ الفعل أُنَبِهُ الذي أفادته (ها) التنبيه أو أعمل الفعل أُشِيْرُ الذي أفاده اسم الإشارة قال المبرد: "وتقول هذا زيد راكباً وذاك عبد الله قائماً فإن قال قائل: ما الذي ينصب الحال وأنت لم تذكر فعلاً؟ قيل له (هذا) إنما هو تنبيه كأنك قلت أنبِّه له راكباً، وإذا قلت ذاك عبد الله قائماً (ذاك) للإشارة كأنك قلت أشير لك إليه راكباً فلا يجوز أن يعمل في الحال إلا فعل أو شيء في معنى الفعل, لأنها مفعول فيها"[٩٠] .
وأجاب ابن يعيش عن اختلاف العامل في الحال وصاحبها فقال:"فإن قيل فأنتم قد قررتم أن العامل في الحال يكون هو العامل في ذي الحال، والحال هاهنا في قولك هذا زيد منطلقاً من زيد، والعامل فيه الابتداء من حيث هو خبر، والابتداء لا يعمل نصباً فالجواب أن هذا كلام محمول على معناه دون لفظه، والتقدير أشير إليه أو أنبه له"[٩١] .
وقال ابن مالك:"والأكثر أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها ... ومن ورود الحال وعاملها غير عامل صاحبها قولهم: ها قائماً ذا زيد فَنَصَبَ الحالَ حرفُ التنبيه وليس له عمل في صاحبها"[٩٢] .
وقال ابن جني أيضاً:"ألا ترى أنه قد يجوز أن يكون العامل في الحال هو غير العامل في صاحب الحال ومن ذلك قول الله سبحانه: {وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً} فـ {مُصَدِّقاً} حال من {الحَقِّ} والناصب له غير الرافع للحق...وكذلك عامة ما يجوز فيه وجهان أو أوجه ينبغي أن يكون جميع ذلك مجوّزاً فيه ولا يمنعك قوّة القوي من إجازة الضعيف أيضاً فإن العرب تفعل ذلك تأنسياً لك بإجازة الوجه الأضعف لتصحّ به طريقك وترحب به خناقك إذا لم تجد وجهاً غيره"[٩٣] .